تفسير لوقا الجزء الرابع
صفحة 1 من اصل 1
تفسير لوقا الجزء الرابع
ا
الآيات (14-23): في كتاب إنجيل متى (مت22:12-37)
(لو 14:11-23):-
وكان يخرج شيطانا وكان ذلك اخرس فلما اخرج الشيطان تكلم الأخرس فتعجب الجموع. وأما قوم منهم فقالوا ببعلزبول رئيس الشياطين يخرج الشياطين. وآخرون طلبوا منه اية من السماء يجربونه. فعلم أفكارهم وقال لهم كل مملكة منقسمة على ذاتها تخرب وبيت منقسم على بيت يسقط. فان كان الشيطان أيضا ينقسم على ذاته فكيف تثبت مملكته لأنكم تقولون أنى ببعلزبول اخرج الشياطين. فان كنت أنا ببعلزبول اخرج الشياطين فأبناؤكم بمن يخرجون لذلك هم يكونون قضاتكم. ولكن أن كنت بإصبع الله اخرج الشياطين فقد اقبل عليكم ملكوت الله. حينما يحفظ القوي داره متسلحا تكون أمواله في أمان. ولكن متى جاء من هو أقوى منه فانه يغلبه وينزع سلاحه الكامل الذي اتكل عليه ويوزع غنائمه. من ليس معي فهو علي ومن لا يجمع معي فهو يفرق.
فى إنجيل متى نسمع أن السيد المسيح يشفى مجنون أعمى وأخرس فيتهمه الفريسيون لحسدهم له انه إنما عمل هذا بالشيطان ليبعدوا الناس عنه. ورد المسيح عليهم فى خطاب طويل. يورد منه القديس مرقس بعضٌ منه. أما القديس لوقا فأورد نفس الخطاب بعد معجزة شفاء أخرس. وكان يخرِجُ شيطاناً وكان ذلك أخرس = طبعاً لا يوجد شيطان أخرس. ولكن هذه صفة الإنسان الذى صار أخرساً نتيجة لسكن الشيطان فيه. وبمقارنة ماورد فى متى وفى لوقا نفهم أن السيد المسيح قد شفى المجنون الأعمى الأخرس بأن أخرج منه الروح النجس الذى جعله كذلك.
والمجنون هو من يفعل شْىء لا يتوقع أن يصدر عن إنساناً عاقل، مثلاً إذا وجدنا إنساناً يُلقى بنفسه فى النار، نقول عنه أنه مجنون لأنه يفعل ما يضربه نفسه. والشيطان يغوى الإنسان أن يخطىء وحين يتجاوب معه ويسير فى طريق الخطية يكون مجنوناً روحياً إذ هو يضر نفسه، فطريق الخطية نهايته الموت. ثم لو سار إنسان فى هذا الطريق سيصاب بالعمى الروحى فلا يعود يعرف المسيح ولا يتذوق حلاوة عشرته. وطالما صار لا يعرف المسيح ولا حلاوة عشرته فهو لن يسبحه ولن يتحرك لسانه طالباً التوبة إذ صار أخرساً. (فالعمى الروحى يعمى الإنسان أيضاً عن فساد طريقه فلا يعرف انه خاطىء ولن يطلب التوبة). فشفاء السيد المسيح لهذا المجنون الأعمى الأخرس هو رمز لشفاء الخاطئ الذى يسيطر عليه الشيطان أو تسيطر عليه الخطية فيسلبه لبه وعقله ويعميه عن رؤية البركات السماوية وعن رؤية الهلاك الأبدى، فلا يقع بصره إلاّ على اللذات العالمية ويعقد لسانه عن الإعتراف بالذنب والتوبة وعن التسبيح. وفى هذه المعجزة نرى إنهيار مملكة الشيطان التى تفقد الإنسان فكره السليم ورؤيته وتخرس لسانه.والشعب العادى رأى فى هذا إعلان مملكة المسيا=العل هذا إبن داود ولكن الفريسيين جدفوا وأظهروا عداءهم بغير تعقل قائلين هذا لا يخرج الشياطين إلاّ ببعلزبول رئيس الشياطين = وأصل كلمة بعلزبول هو بعلزبول أى إله الذباب عند العقرونيين، (2مل 3:1) وأسموه هكذا إذ كانوا يعتقدون أن فيه القدرة على طرد الذباب من المنازل، أما اليهود فأخذوا الإسم وأطلقوه على الشيطان بعد تعديله إلى بعلزبول أى إله المزابل وكان رد المسيح أن الشيطان لا ينقسم على نفسه وإلاّ خربت مملكته. وفى هذا درس لنا إلا ننقسم على أنفسنا سواء على مستوى الكنيسة أو مستوى العائلة.وكل إنقسام سواء على مستوى الكنيسة أو العائلات هو غريب عن روح المسيح. إنه من عمل الشيطان. وهل من المنطقى أن يأتى الشيطان ليسئ لإنسان ( وهذه خطتهم ) فيأتى أخر وينقسم عليهم ويخرجه ما لم يكن لمن أخرجه سلطان على الشياطين.
فأبناؤكم بمن يخرجون= يقصد تلاميذه الذين هم من أبناء الشعب وهؤلاء لما أرسلهم المسيح أخضعوا الشياطين بإسم المسيح (لو 17:10 + مت 8:10) وهؤلاء صيادين بسطاء لم يعرف عنهم أنهم يتعاملون بالسحر وهم صاروا شهود للمسيح وبره وقوته ومحبته وقضاة لهؤلاء المتمردين، فهم بشهادتهم يوم الدين سُيحكم على هؤلاء المفترين على المسيح ظلماً. ولو تعلل هؤلاء بأن الشيطان أغواهم إذ كان مسيطراً عليهم، فتلاميذ المسيح أيضاً سيدينونهم إذ هم منهم، هم إخوتهم وأبناءهم، وهم سيشهدوا أن المسيح قد قيد إبليس وحررهم، وكان المسيح مستعداً لأن يحرر كل من يقبله. ولكن إن كنت أنا بروح الله أخرج الشياطين فقد أقبل عليكم ملكوت الله = هنا السيد يؤكد أنه يخرج الشياطين بروح الله، والمقصود طبعاً أن المسيح يريد أن يقول أنا لا أستخدم بعلزبول ولكن أنا بروح الله الذى تعرفونه أعمل ما أعمله من معجزات إخراج الشياطين، هنا السيد يظهر العلاقة بينه وبين الله حتى يطمئنوا أنه لا يستخدم قوى شيطانية، كان المسيح يمكنه أن يقول أنا أخرج الشياطين بقوتى ولكن كان هذا لن يعطى إطمئناناً للسامعين فهم لم يعرفوا بعد من هو المسيح، كان السيد يريد أن يطمئنهم أن مصدر قوته هو الله وليس الشيطان. وعلامة ذلك قد ظهرت فى حياة التلاميذ البسطاء الذين صاروا يحملون قوة وسلطاناً، الأمر الذى يؤكد ظهور ملكوت الله، محطماً مملكة الشيطان ليقيم مملكة الله الروحية على كل الأمم. وليملك على القلوب
والآن هل السامعين هم من مملكة الله أم من مملكة الشيطان ؟لقد أقبل ملكوت الله وتحطمت مملكة الشيطان، فإن هم قبلوا المسيح صاروا مسكناً للروح القدس وتحرروا من سلطان إبليس، وإن هم عاندوا المسيح وقاوموه فهم بالضرورة سيهلكوا مع مملكة الشيطان التى هلكت وأتت الآية فى لوقا ولكن إن كنت أنا بإصبع الله أخرج.. وبهذا نفهم أن الروح القدس هو إصبح الله بينما يسمى المسيح ذراع الله (اش 9:51+ مز 1:98) فالذراع هى القوة التى يُعْمَلَ بها العمل، أماّ الأصابع فهى التى تنفذ العمل والآن الروح القدس يبنى الكنيسة ويهيىء النفوس، ولكن عمله مبنى على قوة عمل المسيح فى فدائه. وعموما وحدة الذراع والأصابع إشارة لوحدة الإبن والروح القدس.
السيد المسيح هنا لا يستعرض قوته الإلهية بل هو يوجه نظر السامعين من الرافضين والمعاندين إلى السلطان الجديد على الشياطين الذى صار متاحاً للتلاميذ، ومتاح أيضاً لهم ولكنهم بعنادهم يحرمون أنفسهم منه. إذن عوضاً عن أن تتهمونى بأنى ببعلزبول أخرج الشياطين تمتعوا بهذا السلطان وهذا الرصيد الذى صار للبشرية.
أم كيف يستطيع أحد أن يدخل بيت القوى.. = هذا دليل ثالث أن المسيح أخرج الشيطان بسلطانه فهو الأقوى من الشيطان. لقد إحتل الشيطان الإنسان وحسبه بيته، ونهب كل طاقاته وإمكانياته ومواهبه لتعمل لحساب مملكة الشر.هذا العدو القوى لن يخرج، ولا تسحب منه أمتعته التى إغتصبها ما لم يربط أولاً. فقد جاء السيد المسيح ليعلن عملياً سلطانه كمحطم لهذا العدو القوى حتى يسحب منه ما قد سبق فسلبه. وقد يكون بيته هو مملكته على الأرض وأمتعته هم الناس الذين يتشبهون بإبليس أبيهم فى أعمالهم. وكما أننا ندعو القديسين أو أنى مقدسة وأمتعة مكرسة، فالأشرار هم آنية إبليس وأمتعته. والمسيح بدأ معركة مع الشيطان على الجبل وأنهاها على الصليب، وبعد الصليب ربطه (2بط 4:2 + رؤ 1:20-3) من ليس معى فهو علىَّ= فى الحرب مع إبليس ( فالحرب لم تنته بعد لأن إبليس لم يلق فى البحيرة المتقدة بالنار) لا يوجد حياد فإما أن نكون مع المسيح ضد إبليس أو نكون مع إبليس ضد المسيح، إماّ نكون أولاداً لله أو أولاداً لإبليس. هذا الكلام موجه للسامعين ومنهم من إعتبر المسيح أنه إبن داود خصوصاً بعد معجزة شفاء المجنون الأعمى الأخرس، ومنهم الفريسيين الرافضين الذين جدفوا عليه. ومن لا يجمع معى فهو يفرق = فالذى يجمع بدون المسيح، مهما جمع فهو يفرق، فالمسيح واحد وكنيسته واحدة، ومن يجمع بدونه سيكون خارج الكنيسة الواحدة. مع المسيح ليس حل وسط، إماّ أنت مع المسيح أو ضده. والمسيح أتى ليرد الناس لله والفريسيين بقولهم يفرقون الناس عن المسيح، إذن هم مع الشيطان ضد الله
ونلاحظ فى (لو 21:11) قوله حينما يحفظ القوى دارهُ متسلحاً = وأسلحة إبليس القوى الخبث والدهاء، وجاء المسيح ليشهر هذا العدو ويفضحه ويحطم أسلحته بمحبته وبالحق الذى فيه، ليطرده من قلوب أولاده.
فى (مر 22:3) أماّ الكتبة الذين نزلوا من أورشليم = هم بعثة غالباً من مجمع السنهدريم مرسلة لإفساد خدمة السيد، إذ ذاع صيته. لكن قوله نزلوا فهذا إشارة لإنحطاطهم. ولاحظ أن مرقس لم يضع خطاب السيد عقب معجزة ولكن عقب أن أقرباء المسيح قالوا أنه مختل (مر 21:3). فمرقس يصور أن الهجوم على المسيح كان من أقربائه ومن الفريسيين والكتبة والسنهدريم. وهنا يوضح مرقس أن هؤلاء كان يلوثون سمعة يسوع ليوقفوا الإنبهار به.
ومن (مر 22:3) نجد أن هؤلاء الكتبة مرة يقولون أن معهُ بعلزبول ومرة يقولون برئيس الشياطين يخرج الشياطين. والمسيح يرد بأن قولهم هذا وذاك فيه تناقص إذ كيف وهو مستحوذ عليه الشيطان يخرج شياطين، هذا هو الإنقسام بعينه، والشيطان لا يفعل ذلك حتى لا تخرب مملكته. فإخراج الشيطان من إنسان هو حكم بطرده بسلطان يخرج أمامه الشيطان منهزماً.
وفى لو (16:11) نجدهم لم يكتفوا بمعجزة إخراج الشياطين بل يطلبوا معجزة أخرى ليثبت أنه المسيا، فكان اليهود عندهم إعتقاد أن المسيا سينزل مناً من السماء كما فعل موسى (يو 30:6-31).
(مت 31:12-32) ما معنى التجديف على الروح القدس + (لو 10:12) :-
يستغل إبليس هذه الآيات ليحطم بعض النفوس، فيشككها أنه قد مر على فكرها تجديفاً على الروح القدس وبالتالى تبعاً لهذه الآيات فلا غفران وبالتالى إغلاق باب الرجاء أمامها.
ولكن علينا أن نفهم أن أى خطية يقدم عنها توبة يغفرها الله، وهذا وعده (1يو 7:1-9) لاحظ قوله يطهرنا من كل خطية ولكن المقصود بالتجديف على الروح القدس هو الإصرار على مقاومة صوت الروح القدس الذى يبكت على الخطية داعياً للتوبة، أى أن يصر الإنسان على عدم التوبة حتى آخر نسمة من نسمات حياتنا. من قال كلمة على إبن الإنسان يُغفر له= فالإنسان غير المؤمن قد يتعثر فى المسيح إذ يراه إنساناً عادياً فيتكلم عليه كلاماً غير لائق، لكنه حين يؤمن ويعترف بهذه الخطية تغفر لهُ.
أما من قال على الروح القدس فلن يغفر لهُ= السيد يقول هذا للفريسيين الذين قالوا أنه يخرج الشيطان بواسطة بعلزبول، فهم بهذا يقولون عن الروح القدس الذى به يخرج السيد الشياطين أنه بعلزبول، وهذا فيه تجديف على الروح القدس. وحتى من هؤلاء من سيقدم توبة بعد إيمانه ستغفر لهُ، أما لو إستمر مقاوماً للحق فلن تغفر خطيته.ولنلاحظ أن الروح القدس هو الذى يبكت على الخطايا (يو8:16 ). ولكن أمام إصرار الإنسان على المقاومة لصوت الروح القدس ينطفىء صوته. لذلك يحذر الرسول بولس " لا تطفئوا الروح " و"لا تحزنوا الروح" وإذا إنطفأ الروح داخل إنسان لعناده (مثل هؤلاء الفريسيين) سيصبح غير قادراً على التوبة ( لأنه لا يسمع صوت الروح القدس) وإذ لا يقدم توبة لا تغفر خطيته، وهذا هو التجديف على الروح الذى لا يُغفر. ولكن لا يُفهم الكلام حرفياً فغير المؤمنين طالما جدفوا على الروح القدس فهل حينما يؤمنون لن يغفر لهم ما قالوه ؟!!
الآيات (14-23): في كتاب إنجيل متى (مت22:12-37)
(لو 14:11-23):-
وكان يخرج شيطانا وكان ذلك اخرس فلما اخرج الشيطان تكلم الأخرس فتعجب الجموع. وأما قوم منهم فقالوا ببعلزبول رئيس الشياطين يخرج الشياطين. وآخرون طلبوا منه اية من السماء يجربونه. فعلم أفكارهم وقال لهم كل مملكة منقسمة على ذاتها تخرب وبيت منقسم على بيت يسقط. فان كان الشيطان أيضا ينقسم على ذاته فكيف تثبت مملكته لأنكم تقولون أنى ببعلزبول اخرج الشياطين. فان كنت أنا ببعلزبول اخرج الشياطين فأبناؤكم بمن يخرجون لذلك هم يكونون قضاتكم. ولكن أن كنت بإصبع الله اخرج الشياطين فقد اقبل عليكم ملكوت الله. حينما يحفظ القوي داره متسلحا تكون أمواله في أمان. ولكن متى جاء من هو أقوى منه فانه يغلبه وينزع سلاحه الكامل الذي اتكل عليه ويوزع غنائمه. من ليس معي فهو علي ومن لا يجمع معي فهو يفرق.
فى إنجيل متى نسمع أن السيد المسيح يشفى مجنون أعمى وأخرس فيتهمه الفريسيون لحسدهم له انه إنما عمل هذا بالشيطان ليبعدوا الناس عنه. ورد المسيح عليهم فى خطاب طويل. يورد منه القديس مرقس بعضٌ منه. أما القديس لوقا فأورد نفس الخطاب بعد معجزة شفاء أخرس. وكان يخرِجُ شيطاناً وكان ذلك أخرس = طبعاً لا يوجد شيطان أخرس. ولكن هذه صفة الإنسان الذى صار أخرساً نتيجة لسكن الشيطان فيه. وبمقارنة ماورد فى متى وفى لوقا نفهم أن السيد المسيح قد شفى المجنون الأعمى الأخرس بأن أخرج منه الروح النجس الذى جعله كذلك.
والمجنون هو من يفعل شْىء لا يتوقع أن يصدر عن إنساناً عاقل، مثلاً إذا وجدنا إنساناً يُلقى بنفسه فى النار، نقول عنه أنه مجنون لأنه يفعل ما يضربه نفسه. والشيطان يغوى الإنسان أن يخطىء وحين يتجاوب معه ويسير فى طريق الخطية يكون مجنوناً روحياً إذ هو يضر نفسه، فطريق الخطية نهايته الموت. ثم لو سار إنسان فى هذا الطريق سيصاب بالعمى الروحى فلا يعود يعرف المسيح ولا يتذوق حلاوة عشرته. وطالما صار لا يعرف المسيح ولا حلاوة عشرته فهو لن يسبحه ولن يتحرك لسانه طالباً التوبة إذ صار أخرساً. (فالعمى الروحى يعمى الإنسان أيضاً عن فساد طريقه فلا يعرف انه خاطىء ولن يطلب التوبة). فشفاء السيد المسيح لهذا المجنون الأعمى الأخرس هو رمز لشفاء الخاطئ الذى يسيطر عليه الشيطان أو تسيطر عليه الخطية فيسلبه لبه وعقله ويعميه عن رؤية البركات السماوية وعن رؤية الهلاك الأبدى، فلا يقع بصره إلاّ على اللذات العالمية ويعقد لسانه عن الإعتراف بالذنب والتوبة وعن التسبيح. وفى هذه المعجزة نرى إنهيار مملكة الشيطان التى تفقد الإنسان فكره السليم ورؤيته وتخرس لسانه.والشعب العادى رأى فى هذا إعلان مملكة المسيا=العل هذا إبن داود ولكن الفريسيين جدفوا وأظهروا عداءهم بغير تعقل قائلين هذا لا يخرج الشياطين إلاّ ببعلزبول رئيس الشياطين = وأصل كلمة بعلزبول هو بعلزبول أى إله الذباب عند العقرونيين، (2مل 3:1) وأسموه هكذا إذ كانوا يعتقدون أن فيه القدرة على طرد الذباب من المنازل، أما اليهود فأخذوا الإسم وأطلقوه على الشيطان بعد تعديله إلى بعلزبول أى إله المزابل وكان رد المسيح أن الشيطان لا ينقسم على نفسه وإلاّ خربت مملكته. وفى هذا درس لنا إلا ننقسم على أنفسنا سواء على مستوى الكنيسة أو مستوى العائلة.وكل إنقسام سواء على مستوى الكنيسة أو العائلات هو غريب عن روح المسيح. إنه من عمل الشيطان. وهل من المنطقى أن يأتى الشيطان ليسئ لإنسان ( وهذه خطتهم ) فيأتى أخر وينقسم عليهم ويخرجه ما لم يكن لمن أخرجه سلطان على الشياطين.
فأبناؤكم بمن يخرجون= يقصد تلاميذه الذين هم من أبناء الشعب وهؤلاء لما أرسلهم المسيح أخضعوا الشياطين بإسم المسيح (لو 17:10 + مت 8:10) وهؤلاء صيادين بسطاء لم يعرف عنهم أنهم يتعاملون بالسحر وهم صاروا شهود للمسيح وبره وقوته ومحبته وقضاة لهؤلاء المتمردين، فهم بشهادتهم يوم الدين سُيحكم على هؤلاء المفترين على المسيح ظلماً. ولو تعلل هؤلاء بأن الشيطان أغواهم إذ كان مسيطراً عليهم، فتلاميذ المسيح أيضاً سيدينونهم إذ هم منهم، هم إخوتهم وأبناءهم، وهم سيشهدوا أن المسيح قد قيد إبليس وحررهم، وكان المسيح مستعداً لأن يحرر كل من يقبله. ولكن إن كنت أنا بروح الله أخرج الشياطين فقد أقبل عليكم ملكوت الله = هنا السيد يؤكد أنه يخرج الشياطين بروح الله، والمقصود طبعاً أن المسيح يريد أن يقول أنا لا أستخدم بعلزبول ولكن أنا بروح الله الذى تعرفونه أعمل ما أعمله من معجزات إخراج الشياطين، هنا السيد يظهر العلاقة بينه وبين الله حتى يطمئنوا أنه لا يستخدم قوى شيطانية، كان المسيح يمكنه أن يقول أنا أخرج الشياطين بقوتى ولكن كان هذا لن يعطى إطمئناناً للسامعين فهم لم يعرفوا بعد من هو المسيح، كان السيد يريد أن يطمئنهم أن مصدر قوته هو الله وليس الشيطان. وعلامة ذلك قد ظهرت فى حياة التلاميذ البسطاء الذين صاروا يحملون قوة وسلطاناً، الأمر الذى يؤكد ظهور ملكوت الله، محطماً مملكة الشيطان ليقيم مملكة الله الروحية على كل الأمم. وليملك على القلوب
والآن هل السامعين هم من مملكة الله أم من مملكة الشيطان ؟لقد أقبل ملكوت الله وتحطمت مملكة الشيطان، فإن هم قبلوا المسيح صاروا مسكناً للروح القدس وتحرروا من سلطان إبليس، وإن هم عاندوا المسيح وقاوموه فهم بالضرورة سيهلكوا مع مملكة الشيطان التى هلكت وأتت الآية فى لوقا ولكن إن كنت أنا بإصبع الله أخرج.. وبهذا نفهم أن الروح القدس هو إصبح الله بينما يسمى المسيح ذراع الله (اش 9:51+ مز 1:98) فالذراع هى القوة التى يُعْمَلَ بها العمل، أماّ الأصابع فهى التى تنفذ العمل والآن الروح القدس يبنى الكنيسة ويهيىء النفوس، ولكن عمله مبنى على قوة عمل المسيح فى فدائه. وعموما وحدة الذراع والأصابع إشارة لوحدة الإبن والروح القدس.
السيد المسيح هنا لا يستعرض قوته الإلهية بل هو يوجه نظر السامعين من الرافضين والمعاندين إلى السلطان الجديد على الشياطين الذى صار متاحاً للتلاميذ، ومتاح أيضاً لهم ولكنهم بعنادهم يحرمون أنفسهم منه. إذن عوضاً عن أن تتهمونى بأنى ببعلزبول أخرج الشياطين تمتعوا بهذا السلطان وهذا الرصيد الذى صار للبشرية.
أم كيف يستطيع أحد أن يدخل بيت القوى.. = هذا دليل ثالث أن المسيح أخرج الشيطان بسلطانه فهو الأقوى من الشيطان. لقد إحتل الشيطان الإنسان وحسبه بيته، ونهب كل طاقاته وإمكانياته ومواهبه لتعمل لحساب مملكة الشر.هذا العدو القوى لن يخرج، ولا تسحب منه أمتعته التى إغتصبها ما لم يربط أولاً. فقد جاء السيد المسيح ليعلن عملياً سلطانه كمحطم لهذا العدو القوى حتى يسحب منه ما قد سبق فسلبه. وقد يكون بيته هو مملكته على الأرض وأمتعته هم الناس الذين يتشبهون بإبليس أبيهم فى أعمالهم. وكما أننا ندعو القديسين أو أنى مقدسة وأمتعة مكرسة، فالأشرار هم آنية إبليس وأمتعته. والمسيح بدأ معركة مع الشيطان على الجبل وأنهاها على الصليب، وبعد الصليب ربطه (2بط 4:2 + رؤ 1:20-3) من ليس معى فهو علىَّ= فى الحرب مع إبليس ( فالحرب لم تنته بعد لأن إبليس لم يلق فى البحيرة المتقدة بالنار) لا يوجد حياد فإما أن نكون مع المسيح ضد إبليس أو نكون مع إبليس ضد المسيح، إماّ نكون أولاداً لله أو أولاداً لإبليس. هذا الكلام موجه للسامعين ومنهم من إعتبر المسيح أنه إبن داود خصوصاً بعد معجزة شفاء المجنون الأعمى الأخرس، ومنهم الفريسيين الرافضين الذين جدفوا عليه. ومن لا يجمع معى فهو يفرق = فالذى يجمع بدون المسيح، مهما جمع فهو يفرق، فالمسيح واحد وكنيسته واحدة، ومن يجمع بدونه سيكون خارج الكنيسة الواحدة. مع المسيح ليس حل وسط، إماّ أنت مع المسيح أو ضده. والمسيح أتى ليرد الناس لله والفريسيين بقولهم يفرقون الناس عن المسيح، إذن هم مع الشيطان ضد الله
ونلاحظ فى (لو 21:11) قوله حينما يحفظ القوى دارهُ متسلحاً = وأسلحة إبليس القوى الخبث والدهاء، وجاء المسيح ليشهر هذا العدو ويفضحه ويحطم أسلحته بمحبته وبالحق الذى فيه، ليطرده من قلوب أولاده.
فى (مر 22:3) أماّ الكتبة الذين نزلوا من أورشليم = هم بعثة غالباً من مجمع السنهدريم مرسلة لإفساد خدمة السيد، إذ ذاع صيته. لكن قوله نزلوا فهذا إشارة لإنحطاطهم. ولاحظ أن مرقس لم يضع خطاب السيد عقب معجزة ولكن عقب أن أقرباء المسيح قالوا أنه مختل (مر 21:3). فمرقس يصور أن الهجوم على المسيح كان من أقربائه ومن الفريسيين والكتبة والسنهدريم. وهنا يوضح مرقس أن هؤلاء كان يلوثون سمعة يسوع ليوقفوا الإنبهار به.
ومن (مر 22:3) نجد أن هؤلاء الكتبة مرة يقولون أن معهُ بعلزبول ومرة يقولون برئيس الشياطين يخرج الشياطين. والمسيح يرد بأن قولهم هذا وذاك فيه تناقص إذ كيف وهو مستحوذ عليه الشيطان يخرج شياطين، هذا هو الإنقسام بعينه، والشيطان لا يفعل ذلك حتى لا تخرب مملكته. فإخراج الشيطان من إنسان هو حكم بطرده بسلطان يخرج أمامه الشيطان منهزماً.
وفى لو (16:11) نجدهم لم يكتفوا بمعجزة إخراج الشياطين بل يطلبوا معجزة أخرى ليثبت أنه المسيا، فكان اليهود عندهم إعتقاد أن المسيا سينزل مناً من السماء كما فعل موسى (يو 30:6-31).
(مت 31:12-32) ما معنى التجديف على الروح القدس + (لو 10:12) :-
يستغل إبليس هذه الآيات ليحطم بعض النفوس، فيشككها أنه قد مر على فكرها تجديفاً على الروح القدس وبالتالى تبعاً لهذه الآيات فلا غفران وبالتالى إغلاق باب الرجاء أمامها.
ولكن علينا أن نفهم أن أى خطية يقدم عنها توبة يغفرها الله، وهذا وعده (1يو 7:1-9) لاحظ قوله يطهرنا من كل خطية ولكن المقصود بالتجديف على الروح القدس هو الإصرار على مقاومة صوت الروح القدس الذى يبكت على الخطية داعياً للتوبة، أى أن يصر الإنسان على عدم التوبة حتى آخر نسمة من نسمات حياتنا. من قال كلمة على إبن الإنسان يُغفر له= فالإنسان غير المؤمن قد يتعثر فى المسيح إذ يراه إنساناً عادياً فيتكلم عليه كلاماً غير لائق، لكنه حين يؤمن ويعترف بهذه الخطية تغفر لهُ.
أما من قال على الروح القدس فلن يغفر لهُ= السيد يقول هذا للفريسيين الذين قالوا أنه يخرج الشيطان بواسطة بعلزبول، فهم بهذا يقولون عن الروح القدس الذى به يخرج السيد الشياطين أنه بعلزبول، وهذا فيه تجديف على الروح القدس. وحتى من هؤلاء من سيقدم توبة بعد إيمانه ستغفر لهُ، أما لو إستمر مقاوماً للحق فلن تغفر خطيته.ولنلاحظ أن الروح القدس هو الذى يبكت على الخطايا (يو8:16 ). ولكن أمام إصرار الإنسان على المقاومة لصوت الروح القدس ينطفىء صوته. لذلك يحذر الرسول بولس " لا تطفئوا الروح " و"لا تحزنوا الروح" وإذا إنطفأ الروح داخل إنسان لعناده (مثل هؤلاء الفريسيين) سيصبح غير قادراً على التوبة ( لأنه لا يسمع صوت الروح القدس) وإذ لا يقدم توبة لا تغفر خطيته، وهذا هو التجديف على الروح الذى لا يُغفر. ولكن لا يُفهم الكلام حرفياً فغير المؤمنين طالما جدفوا على الروح القدس فهل حينما يؤمنون لن يغفر لهم ما قالوه ؟!!
مواضيع مماثلة
» تفسير لوقا الجزء الثانى
» تفسير لوقا الجزء الثالث
» لوقا 11 - تفسير إنجيل الجزء الاول
» فيلم تفسير سفر الرؤيا
» أقوى من الموت الجزء الاول
» تفسير لوقا الجزء الثالث
» لوقا 11 - تفسير إنجيل الجزء الاول
» فيلم تفسير سفر الرؤيا
» أقوى من الموت الجزء الاول
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى